1 - إنّ الشیعة لیسوا طائفة قلیلة تعیش فی قریة نائیة أو مجتمع مقفل ، حتى یخفى قرآنهم الذی یعتقدون به ویقرؤونه .
بل هم ملایین الناس وعشرات الملایین ، یعیشون فی أکثر بلاد العالم الإسلامی
مدى القرون ، وهذه بلادهم وبیوتهم ومساجدهم وحسینیاتهم ومدارسهم وحوزاتهم
العملیة ، لا توجد فیها إلا نسخة هذا القرآن .
ولو کانوا لا یعتقدون به ویعتقدون بغیره دونه أو معه ، فلماذا یقرؤونه فی
بیوتهم ومراکزهم ومناسباتهم ولا یقرؤون غیره ؟ ولماذا یدرسونه ولا یدرسون
غیره؟
یمکن القول بأنّ عدد الشیعة عبر العصور المختلفة کان خمس عدد الأمّة الإسلامیّة ، وبقیّة المذاهب السنیّة أربعة أخماس .
فالوضع الطبیعی أن تکون نسبة مؤلّفاتهم فی تفسیر القرآن ومواضیعه الأخرى خمس مجموع مؤلّفات إخوانهم السنّة .
وإذا لاحظنا ظروف الإضطهاد التی عاشها الشیعة عبر القرون ، ونکون منصفین ، نجد مؤلّفات الشیعة حول القرآن قد تزید على الثلث!
وقد أحصت دار القرآن الکریم فی قم التی أسّسها مرجع الشیعة الراحل السیّد
الکلبایکانی رحمه اللّه ، مؤلّفات الشیعة فی التفسیر فقط فی القرون
المختلفة ، فزادت على خمسة آلاف مؤلّف .
فکیف یصحّ أن نعمد الى طائفة أسهموا على مدى التاریخ الإسلامی أکثر من
غیرهم فی التألیف فی تفسیر القرآن وعلومه . ونتهمهم بعدم الإیمان بالقرآن ،
أو بأن عندهم قرآنا آخر! راجع : تدوین القرآن : 40 .
إنّ الدراسة الصحیحة فی أیّ مذهب یبتنی على المراجعة لمصادر هذا المذهب فی
الاعتقاد والفقه والحدیث والأصول ومعرفة آراء علمائهم الذین تسالم أتباعهم
على علمیّتهم وصلاحیّتهم لتمثیل هذا المذهب ومعرفة مااتّفق علیه هؤلاء وما
هو مشهور غیر متفّق علیه ، وکذا معرفة طرقهم التی یعتمدونها فی الأخذ عن
مصادرهم الحدیثیّة والتمییز بین الروایات الصحیحة والمعتبرة عن الضعیفة
الشاذّة .
ولا یحقّ لمن لم یلمّ بهذه المعرفة الضروریّة أن یدّعی أنّه أهل لعرض ونقد
هذا المذهب فإنّ ادّعى ذلک فهو متجرّء متجاوز عن حدّه وکاشف عن جهله .
ولایخفى أنّ رأی الشیعة فی التحریف وعدمه هو رأی علماؤهم الخبراء بالمذهب
الذین یمیّزون ما هو جزء منه وما هو خارج عنه وهم الذین یُرجع إلیهم ملایین
الشیعة ویقلّدونهم ، ویأخذون منهم أحکام دینهم فی کیفیّة صلاتهم وصومهم
وحجّهم ، وأحکام زواجهم وطلاقهم وإرثهم ومعاملاتهم .
وبعد هذه المقدمات نذکر أوّلاً : آراء علماء الشیعة وفقهائهم وکبار
المجتهدین الذین یمثّلون الشیعة فی کلّ عصر ، بحیث یعتبر قولهم رأی الشیعة ،
وعقیدتهم عقیدة الشیعة .
وثانیاً : نشیر إلى کتاب فصل الخطاب وقصد مؤلّفه من تألیفه هذا ، و ما کتب فی ردّه .
وثالثاً : آراء علماء أهل السنّة وأحادیثهم فی التحریف .
قال الشیخ الصدوق ( ت 381 ) : ( إعتقادنا أنّ القرآن الذی أنزله اللّه على
نبیّه محمد ( ع ) هو ما بین الدفّتین ، وهو ما فی أیدی الناس لیس بأکثر من
ذلک ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة . الاعتقادات للشیخ المفید ص 84 ، واعتقادات الصدوق المطبوع مع شرح الباب الحادی عشر : 93 .
قال الشیخ المفید ( ت 413 ) : وقد قال جماعة من أهل الإمامة : أنّه لم ینقص
من کلمة ولا من آیة ولا من سورة ، ولکن حذف ما کان مثبتاً فی مصحف أمیر
المؤمنین ( ع ) من تأویله ، وتفسیر معانیه على حقیقة تنزیله ، وذلک کان
ثابتاً منزلاً وإن لم یکن من جملة کلام اللّه تعالى الذی هو القرآن المعجز ،
وعندی أنّ هذا ا لقول أشبه من مقال من ادّعى نقصان کلم من نفس القرآن على
الحقیقة دون التأویل ، والیه أمیل ، واللّه أسأل توفیفه للصواب . أوائل المقالات 54 - 56 .
قال الشریف المرتضى ( ت 436 ) : إنّ القرآن کان على عهد رسول اللّه ( ص )
مجموعاً مؤلّفاً على ما هو علیه الآن . . . من خالف فی ذلک من الإمامیّة
والحشویّة لا یعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف فی ذلک مضاف إلى قوم من أصحاب
الحدیث ، نقلوا أخبارا ضعیفة ظنّوا بصحّتها ، لا یرجع بمثلها عن المعلوم
المقطوع على صحّته . مجمع البیان : 1 / 15 نقلاً عن رسالته الجوابیّة الأولى عن المسائل الطرابلسیّات .
قال الشیخ الطوسی ( ت 460 ) : وأمّا الکلام فی زیادته ونقصانه ، فممّا لا
یلیق به أیضاً ، لأنّ الزیادة فیه مجمع على بطلانها ، والنقصان منه ،
فالظاهر أیضاً من مذهب المسلمین خلافه ، وهو الألیق بالصحیح من مذهبنا . . .
. التبیان فی تفسیر القرآن : 1 / 3 .
قال العلّامة الحلی ( ت 627 ) : الحق أنّه لا تبدیل ولا تأخیر ولا تقدیم
فیه ، وأنّه لم یزد ولم ینقص ونعوذ باللّه من أمّة تعتقد مثل ذلک ، فإنّه
یوجب التطرّق إلى معجزة الرسول ( ص ) المنقولة بالتواتر . أجوبة المسائل المهناویة : 121 المسألة 13 .
قال السید محسن الأمین العاملی ( ت 1371 ) : لا یقول أحد من الإمامیّة لا
قدیماً ولا حدیثاً إنّ القرآن مزید فیه . . . ومن نسب الیهم خلاف ذلک فهو
کاذب ، مفتر ، مجترى ء على اللّه ورسوله . أعیان الشیعة : 1 / 41 .
قال السید شرف الدین العاملی ( ت 1377 ) : نسب إلى الشیعة القول بتحریف
القرآن . . . فأقول : نعوذ باللّه من هذا القول ، ونبرأ إلى اللّه تعالى من
هذا الجهل ، وکلّ من نسب هذإ؛!! الرأی إلینا جاهل بمذهبنا ، أو مفتر علینا
، فإنّ القرآن العظیم والذکر الحکیم متواتر من طرقنا بجمیع آیاته وکلماته
وسائر حروفه وحرکاته وسکناته ، تواتراً قطعیّاً عن أئمّة الهدى من أهل
البیت ( ع ) لا یرتاب فی ذلک إلّا معتوه . أجوبة مسائل جار اللّه : 34 .
قال السید أبو القاسم الخوئی ( ت 1414 ) : إنّ حدیث تحریف القرآن حدیث خرافة وخیال ، لا یقول به إلّا من ضعف عقله . البیان : 295 .
قال السیّد الخمینی ( ت 1409 ) : إنّ الواقف على عنایة المسلمین بجمع
الکتاب وحفظه وضبطه ، قراءة وکتابة ، یقف على بطلان تلک المزعمة ( التحریف )
وأنّه لا ینبغی أن یرکن إلیها ذو مسکة . تهذیب الأصول : 2 / 165 .
راجع آراء علماء الشیعة کالمحقّق الأردبیلی ( ت 993 ) فی مجمع الفائدة
والبرهان : 2 / 218 ) والفیض الکاشانی ( ت 1091 ) ، فی تفسیر الصافی : 1 /
33 والشیخ جعفر کاشف الغطاء ( ت 1228 ) فی کشف الغطاء : 298 کتاب الصلاة ،
کتاب القرآن والشیخ البهائی ( ت 1031 ) فی آلاء الرحمن : 1 / 26 .
وهکذا راجع : رأی السید البروجردی الطباطبائی ، والسید محسن الحکیم
الطباطبائی ، والسید محمد هادی المیلانی ، والسید محمد رضا الکلبایکانی ،
والسید محمد حسین الطباطبائی والشیخ لطف اللّه الصافی و . . . فی کتاب «
صیانة القرآن من التحریف » لمحمد هادی معرفة ، و « التحقیق فی نفی التحریف »
للسید علی المیلانی .
قال السیّد الخوئی : [لو قیل : ] إنّ الروایات المتواترة عن أهل البیت ( ع ) قد دلّت على تحریف القرآن فلا بدّ من القول به .
والجواب : أنّ هذه الروایات لا دلالة فیها على وقوع التحریف فی القرآن بالمعنى المتنازع فیه .
وتوضیح ذلک : أنّ کثیراً من الروایات ، وإن کانت ضعیفة السند ، فإنّ جملة
منها نقلت من کتاب أحمد بن محمد السیاری ، الذی اتّفق علماء الرجال على
فساد مذهبه ، وأنّه یقول بالتناسخ ، ومن علی بن أحمد الکوفی الذی ذکر علماء
الرجال أنّه کذّاب ، وأنّه فاسد المذهب ، إلّا أنّ کثرة الروایات تورث
القطع بصدور بعضها عن المعصومین ( ع ) ولا أقل من الإطمئنان بذلک ، وفیها
ما روی بطریق معتبر فلا حاجة بنا إلى التکلّم فی سند کلّ روایة بخصوصها .
إلى أن قال : وحاصل ما تقدّم أنّ وجود الزیادات فی مصحف علی ( ع ) وإن کان
صحیحاً ، إلّا أنّ هذه الزیادات لیست من القرآن ، وممّا أمر رسول الله ( ص )
بتبلیغه إلى الأمّة ، فإنّ الالتزام بزیادة مصحفه بهذا النوع من الزیادة
قول بلا دلیل ، مضافاً إلى أنّه باطل قطعاً . ویدلّ على بطلانه جمیع ما
تقدّم من الأدلّة القاطعة على عدم التحریف فی القرآن . البیان فی تفسیر القرآن : 225 .
قال العلّامة البلاغی : إنّ القسم الوافر من الروایات ترجع أسانیده إلى بضعة أنفار وقد وصف علماء الرجال کلاًّ منهم بأنّه :
إنّ کثیراً من المخالفین استندوا فی إتّهام الشیعة بالتحریف إلى کتاب فصل
الخطاب للمحدّث النوری ، فلابدّ من البحث فیه تارة ممّا تصد من تألیفه هذا ،
وأخرى من مخالفة علماء الشیعة إیّاه وردّهم على هذا الکتاب .
قال المحقّق الطهرانی ، تلمیذ المحدث النوری : « أثبت فیه عدم التحریف
بالزیادة والتغییر والتبدیل وغیرها ، ممّا تحقّق ووقع فی غیر القرآن ، ولو
بکلمة واحدة ، لا نعلم مکانها ، واختار فی خصوص ما عدى آیات الأحکام وقوع
تنقیص عن الجامعین ، بحیث لا نعلم عین المنقوص المذخور عند أهله ؛ بل یعلم
إجمالاً من الأخبار التی ذکرها فی الکتاب مفصلاً ، ثبوت النقص فقط » .
وردّ علیه الشیخ محمود الطهرانی الشهیر بالمعرب ، برسالة سمّاها « کشف
الارتیاب عن تحریف الکتاب » فلمّا بلغ ذلک ، الشیخ النوری کتب رسالة
فارسیّة مفردة فی الجواب عن شبهات « کشف الارتیاب » . . . فکان شیخنا یقول :
لا أرضى عمّن یطالع « فصل الخطاب » ویترک النظر إلى تلک الرسالة .
ذکر فی أوّل الرسالة الجوابیّة ، ما معناه : أنّ الاعتراض مبنیّ على
المغالطة فی لفظ التحریف ، فإنّه لیس مرادی من التحریف ، التغییر والتبدیل ؛
بل خصوص الإسقاط لبعض المنزل المحفوظ عند أهله ، ولیس مرادی من الکتاب ،
القرآن الموجود بین الدفّتین ، فإنّه باق على الحالة التی وضع بین الدفّتین
فی عصر عثمان ، لم یلحقه زیادة ولا نقصان ؛ بل المراد الکتاب الإلهى
المنزل .
وسمعت عنه شفاهاً یقول : إنّی أثبتّ فی هذا الکتاب إنّ هذا الموجود المجموع
بین الدفّتین کذلک باق على ما کان علیه فی أوّل جمعه کذلک فی عصر عثمان ،
ولم یطرء علیه تغییر وتبدیل ، کما وقع على سائر الکتب السماویّة ، فکان
حریّاً بأن یسمّى « فصل الخطاب فی عدم تحریف الکتاب » فتسمیته بهذا الإسم
الذی یحمله الناس على خلاف مرادی ، خطأ فی التسمیة ، لکنّی لم أرد ما
یحملوه علیه ، بل مرادی إسقاط بعض الوحی المنزل الإلهی ، وإن شئت قلت :
إسمه « القول الفاصل فی إسقاط بعض الوحی النازل » . الذریعة ج 16 ص 231 .
ویقول العلّامة السیّد هبة الدین الشهرستانی فی رسالة بعثها تقریظاً على
رسالة البرهان التی کتبها المیرزا مهدى البروجردی بقم المقدسة 1372 :
منذ الصغر أیّام مکوثی فی سامراء مسقط رأسی ، حیث تمرکز العلم والدین تحت
لواء الإمام الشیرازى الکبیر ، فکنت أراها تموج ثائرة على نزیلها المحدّث
النوری بشأن تألیفه کتاب « فصل الخطاب » فلاندخل مجلساً فی الحوزة العلمیّة
إلّا ونسمع الضجّة والعجّة ضدّ الکتاب ومؤلّفه وناشره یسلقونه بألسنة حداد
. البرهان : 143 .
وقد کتب أرباب العلم فی الردّ علیه ونقض کتابه بأقسى کلمات ، وأعنف تعابیر ،
وممّن کتب فی الردّ علیه من معاصریه : الفقیه المحقّق الشیخ محمود بن أبی
القاسم الشهیر بالمعرّب الطهرانى ( المتوفی 1313 ) کتاباً سمّاه « کشف
الإرتباب فی عدم تحریف الکتاب » بحیث ألجأ المحدّث النوری إلى أن تراجع عن
رأیه بعض الشی ء وتأثّر کثیراً بهذا الکتاب.
وکتب فی الردّ علیه معاصره : العلّامة الشهرستانى فی رسالة سمّاها « حفظ الکتاب الشریف عن شبهة القول بالتحریف » .
وهکذا کتب فی الردّ علیه کلّ من کتب فی شؤون القرآن ، أو فی التفسیر
کالحجّة البلاغی ( 1352 ) فی مقدّمة تفسیره « آلاء الرحمن » قال تشنیعاً
علیه : وإنّ صاحب فصل الخطاب من المحدّثین المکثرین فی التتبّع للشواذّ
وإنّه لیعدّ هذا المنقول من « دبستان المذاهب » ضالّته المنشودة مع اعترافه
بأنّه لم یجد لهذا المنقول أثراً فی کتب الشیعة . آلاء الرحمن : 1 / 25 .
وقد کتب صاحب الذریعة رسالة حاول فیها تأویل ما عرف عن شیخه المحدّث النوری
من القول بتحریف الکتاب ، وقدّمه للشیخ محمد الحسین آل کاشف ، یطلب رأیه
فی الکتاب فقرّظه الشیخ ، ورجّح فیه عدم نشره ، ومن ثمّ لم یطبعها امتثالاً
لأمره . راجع الذریعة : 24 / 278 .
ذکر أکثر علماء أهل السنّة : أنّ بعض القرآن قد نسخت تلاوته ، وحملوا على
ذلک ما ورد فی الروایات أنّه کان قرآناً على عهد رسول اللّه ( ع ) فنذکر
جملة من هذه الروایات ، لیتبیّن أنّ الالتزام بصحّة هذه الروایات ،
الإلتزام بوقوع التحریف فی القرآن .
وقد صرّح عدّة علماء أهل السنة بوقوع التحریف فی القرآن کالسجستانی حیث
صنّف - کتاب « المصاحف » وقد ألّف أحد علماء الأزهر کتاباً باسم « الفرقان
فی تحریف القرآن » وقد طبع وانتشر ولدیّ نسخة منه ، والمحقّقون من علماء
السنّة والشیعة لا یقیمون لهذه الکتب وزناً ولا قیمة . رسائل ومقالات للشیخ جعفر السبحانی : 402 .
قال الشعرانی : ولولا ما یسبق للقلوب الضعیفة ووضع الحکمة فی غیر أهلها لبیّنت جمیع ما سقط من مصحف عثمان . الکبریت الأحمر على هامش الیواقیت والجواهر : 143 .
قال الآلوسی بعد نقل الأخبار التی تدلّ على التحریف : والروایات فی هذا الباب أکثر من أن تحصى . روح المعانی : 1 / 24 .
وقال فخر الدین الرازی فی تفسیره : نقل فی الکتب القدیمة أنّ ابن مسعود کان
ینکر کون سورة الفاتحة من القرآن ، وکان ینکر کون المعوذّتین من القرآن . التفسیر الکبیر : 1 / 169 .
ونقل السیوطی عن ابن عباس وابن مسعود أنّه کان یحکّ المعوذّتین من المصحف ،
ویقول : لا تخلطوا القرآن بما لیس منه ، إنّهما لیستا من کتاب اللّه ،
إنّما أمر النبی صلى اللّه علیه وآله أن یتعوّذ بهما ، وکان ابن مسعود لا
یقرأ بهما . الدر المنثور : 6 / 416 .
قد روی عن عمر أنّه قال : لا یقولنّ أحدکم قد أخذت القرآن کلّه ، وما یدریه
ما کلّه ؟ قد ذهبت منه قرآن کثیر ، ولکن لیقل قد أخذت منه ما ظهر . الإتقان : 2 / 40 .
وعنه أیضاً کنّا نقرأ : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » فیما فقدنا من کتاب اللّه . الدر المنثور : 1 / 106 .
وعن عمر بن الخطاب أیضاً : إنّ اللّه بعث محمد ( ص ) بالحقّ ، وأنزل علیه
الکتاب ، فکان ممّا أنزل اللّه : آیة الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ،
ووعیناها ، فلذا رجم رسول اللّه ( ص ) ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس
زمان أن یقول قائل : واللّه مانجد آیة الرجم فی کتاب اللّه فیضلّوا بترک
فریضة أنزلها اللّه . . . ثمّ إنّا کنّا نقرأ فیما نقرأ من کتاب اللّه : «
أن لاترغبوا عن آبائکم فإنّه کفر بکم أن ترغبوا عن آبائکم » . صحیح البخاری : 8 / 26 ، کتاب الفرائض باب من أصاب ذنباً دون الحدّ .
وقال السیوطی أیضاً : أخرج ابن أشته فی المصاحف عن اللیث بن سعد . قال :
أوّل من جمع القرآن أبو بکر ، وکتبه زید . وإن عمر أتى بآیة الرجم فلم
یکتبها ، لأنّه کان وحده . الاتقان : 1 / 101 ، وعون المعبود : 10 / 20 .
عن سعید بن المسیّب عن عمر قال : رجم رسول اللّه ، ورجم أبو بکر ورجمت ولو
لا أنّی أکره أن أزید فی کتاب اللّه لکتبته فی المصحف ، فإنّی قد خشیت أن
تجى أقوام لا یجدونه فی کتاب اللّه فیکفرون به . رواه الترمذی وقال حسن
صحیح . الاتقان : 1 / 101 ، وعون المعبود : 10 / 20 . صحیح
الترمذی کتاب الحدود : 2 / 443 ح 1457 باب ما جاء فی تحقیق الرجم ، کنز
العمال : 5 / 430 رقم 13515 عن ( ت ق ) وقال ( ت ) حسن صحیح وروى عنه من
غیر وجه عن عمر .
وفیما رواه الشافعی ، قال عمر : والذى نفسی بیده لولا أن یقول الناس زاد
عمر فی کتاب اللّه لکتبتها « الشیخ والشیخة إذا زنیا فارجموهما البتة »
فإنّا قد قرأناها . اختلاف الحدیث للإمام الشافعی ص 533 .
قال السیوطی : وأخرج الطبرانی بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف . الإتقان : 1 / 121 ، مجمع الزوائد : 7 / 163 ، الدر المنثور : 6 / 422 ، المعجم الأوسط : 6 / 361 .
مع أنّ القرآن الذی بین أیدینا لا یبلغ ثلث هذا المقدار ، کمإ؛!! قال
القرطبی : وأمّا عدد حروفه وأجزائه فروى سلام أبو محمد الحمانی ، أنّ
الحجّاج بن یوسف جمع القُرّاء والحُفّاظ والکُتّاب ، فقال : أخبرونی عن
القرآن کلّه کم من حرف هو ؟ .
قال : وکنت فیهم ، فحسبنا فأجمعنا على أنّ القرآن ثلثمائة ألف حرف وأربعون
ألف حرف وسبعمائة حرف وأربعون حرفاً ، ( 740 / 340 ) . . . . تفسیر القرطبی : 1 / 64 ، وتفسیر ابن کثیر : 1 / 8 .
روى السیوطی عن حذیفة قال : قال لی عمر بن الخطاب : کم تعدّون سورة الأحزاب
؟ قلت ثنتین أو ثلاثاً وسبعین ، قال : إن کانت لتقارب سورة البقرة ، وإن
کان فیها لآیة الرجم . الدر المنثور : 5 / 180 ، کنز العمال : 2 / 480 ح 4550 ، عن مسند عمر بن الخطّاب .
وروى السیوطی أیضاً عن عائشة قالت : کانت سورة الأحزاب تقرأ فی زمن النبی
صلى الله علیه وآله وسلم مئتی آیة ، فلمّا کتب عثمان المصاحف ، لم یقدر
منها إلّا ما هو الآن الدر المنثور : 5 / 180 ، نشر : دار المعرفة - بیروت . ( 6 / 650 ، ط . دار الفکر ، بیروت ، 1993 ) ، الاتقان : 2 / 40 . .
روى الحاکم عن أبیّ بن کعب ، ثمّ قال : هذا حدیث صحیح الإسناد ولم یخرجاه المستدرک : 2 / 415 ، 4 / 359 روى ابن الجوزی عن مجاهد . نواسخ القرآن : 34 . وروى السیوطی عن عکرمة . الدر المنثور ج 5 ص 180 .
وبما أنّ سورة البقرة 286 آیة ، فیکون الناقص من سورة الأحزاب حسب هذه الروایة أکثر من 200 آیة !!
وعن أبی موسى الأشعری : إنّا کنّا نقرأ سورة کنّا نشبهها فی الطول والشدّة
بالبراءة فأنسیتها ، غیر أنّی قد حفظت منها : « لو کان لابن آدم وادیان من
المال لابتغى وادیاً ثالثاً ولا یملأ جوف ابن آدم إلّا تراب » صحیح المسلم : 3 / 100 .
روى الهیثمی عن أبی موسى الأشعری قال : نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت ،
فحفظت منها : « إنّ اللّه لیؤیّد هذا الدین بأقوام لا خلاق لهم » . . .
رواه الطبرانی ورجاله رجال الصحیح غیر علی بن زید وفیه ضعف ، ویحسن حدیثه
لهذه الشواهد . مجمع الزوائد : 5 / 302 .
عن ابن شهاب ، قال : بلغنا أنّه کان أنزل قرآن کثیر ، فقتل علماؤه یوم الیمامة ، الذین کانوا قد وعوه ، ولم یعلم بعدهم ولم یکتب . کنز العمال : 2 / 584 رقم 4778 .
روى الحاکم عن حذیفة ، رضی اللّه عنه ، قال : ما تقرؤون ربعها ، یعنی براءة
، وإنّکم تسمّونها سورة التوبة ، وهی سورة العذاب . هذا حدیث صحیح الإسناد
ولم یخرجاه . المستدرک : 2 / 330 .
قد أجاب کثیر من علماء أهل السنّة بأنّ المراد من هذه الآیات هی الآیات
التی نسخت تلاوته دون حکمه ، کما یقول الآلوسی : أسقط زمن الصدیق ما لم
یتواتر وما نسخت تلاوته ، وکان یقرؤه من لم یبلغه النسخ . روح المعانی : 1 / 24 .
یردّه امور :
1 - إنّ القول بالنسخ مضافاً إلى أنّه قول بلادلیل فهو عین التحریف ، کما
قال السیّد الخوئی : غیر خفیّ أنّ القول بنسخ التلاوة بعینه القول بالتحریف
والإسقاط . لأنّ نسخ التلاوة هذا ، إمّا أن یکون قد وقع من رسول اللّه ( ص
) وإمّا أن یکون ممّن تصدّى للزعامة من بعده ، فإن أراد القائلون بالنسخ
وقوعه من رسول اللّه ( ص ) ، فهو أمر یحتاج إلى الإثبات . وقد اتّفق
العلماء أجمع ، على عدم جواز نسخ الکتاب بخبر الواحد ، وقد صرّح بذلک جماعة
فی کتب الأصول وغیرها الموافقات لابی اسحاق الشاطبی ج 3 ص 106 . ؛
بل قطع الشافعی وأکثر أصحابه ، وأکثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الکتاب
بالسنّة المتواترة ، وإلیه ذهب أحمد بن حنبل فی إحدى الروایتین عنه ، بل
إنّ جماعة ممّن قال بإمکان نسخ الکتاب بالسنة المتواترة ، منع وقوعه الإحکام فی اصول الأحکام للامدی ج 3 ص 217 . .
وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذین تصدّوا للزعامة بعد النبی ( ص ) فهو
عین القول بالتحریف . وعلى ذلک ، فیمکن أن یُدّعى أنّ القول بالتحریف هو
مذهب أکثر علماء أهل السنّة ، لأنّهم یقولون بجواز نسخ التلاوة ، سواء أنسخ
الحکم ، أم لم ینسخ البیان : 206 . .
2 - ینافى الروایات التی تدلّ على قراءة الصحابة هذه الآیات بعد وفاة النبی
( ع ) ، کما فی روایة عائشة فی آیة الرضاع : « فتوفّی رسول اللّه صلى
اللّه علیه وسلّم ، وهنّ مّما تقرأ من القرآن » . صحیح مسلم : 4 / 168 کتاب الرضاع باب التحریم بخمس رضعات ، الأمّ : 7 / 236 ، الموطّأ : 2 / 608 .
وهکذا قولها : « کانت سورة الأحزاب تقرأ فی زمان النبی صلى اللّه علیه وسلم
مأتی آیة ، فلمّا کتب عثمان المصاحف لم یقدرمنها إلّا على ماهو الآن » . الدر المنثور : 5 / 180 ( ط . دار الفکر - بیروت - 1993 ) .
وهکذا ما مرّ عن عمر ، أنّه قال : « لا یقولنّ أحدکم قد اخذت القرآن کلّه
وما یدریه ما کلّه ؟ قد ذهبت منه قرآن کثیر ، ولکن لیقل قد أخذت منه ما ظهر
» . الاتقان : 2 / 40 ، الدر المنثور : 1 / 106 .
وروت حمیدة بنت أبی یونس . قالت : قرأ علیّ أبی وهو ابن ثمانین سنة ، فی
مصحف عائشة : « إنّ اللّه وملائکته یصلّون على النبی یا أیّها الذین آمنوا
صلّوا علیه وسلّموا تسلیماً ، وعلى الذین یصلّون الصفوف الأوّل » . قالت :
قبل أن یغیّر عثمان المصاحف . الإتقان : 2 / 40 - 41 .
وذکر السیوطی : أخرج ابن أشته فی المصاحف عن اللیث بن سعد . قال : أوّل من
جمع القرآن أبو بکر ، وکتبه زید ، وإنّ عمر أتى بآیة الرجم فلم یکتبها ؛
لأنّه کان وحده . الإتقان : 1 / 101 .
وروى ابن أبی داود وابن الأنباری عن ابن شهاب ، قال : بلغنا أنّه کان أنزل
قرآن کثیر ، فقتل علماؤه یوم الیمامة ، الذین کانوا قد وعوه ، ولم یعلم
بعدهم ولم یکتب . کنز العمال : 2 / 584 رقم 4778 .
3 - انکار جمع من العلماء قضیّة نسخ التلاوة کما قال الشوکانی : منع قوم من
نسخ اللفظ مع بقاء حکمه ، وبه جزم شمس الدین السرخسی ، لأنّ الحکم لا یثبت
بدون دلیله . إرشاد الفحول : 189 ، أصول السرخسى : 2 / 78 .
وحکى الزرقانی عن جماعة فی منسوخ التلاوة دون الحکم : إنّه مستحیل عقلاً ، وعن آخرین منع وقوعه شرعاً . مناهل العرفان : 2 / 112 .
ولم یصحّح الرافعی القول بنسخ التلاوة وأبطل کل ما حمل على ذلک . وهکذا أنکر ذلک : رشید رضا ، صبحی الصالح ومصطفى زید . راجع
: المنار : 1 / 413 ، إعجاز القرآن : 44 ، النسخ فی القرآن الکریم : 1 /
283 ، مجلة تراثنا ج 13 ص 139 ، سلامة القرآن من التحریف : 213 .