نصائح وتوجیهات للمقاتلین فی ساحات الجهاد
إصدار مکتب سماحة السید السیستانی دام ظله
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على خیر خلقه محمد وآله الطیبین الطاهرین .
3 ـ کما أنّ للقتال مع البغاة والمحاربین من المسلمین واضرابهم أخلاقاً وآداباً أُثرت عن الإمام علی ( علیه السلام ) فی مثل هذه المواقف ، مما جرت علیه سـیرته وأوصى به أصحابه فی خطـبه وأقواله، وقد أجمعت الأمّة على الأخذ بها وجعلتها حجّة فیما بینها وبین ربّها ، فعلیکم بالتأسی به والأخذ بمنهجه، وقد قال(علیه السلام) فی بعض کلامه مؤکّداً لما ورد عن النبی ( صلّى الله علیه وآله ) ـ فی حدیث الثقـلین والغدیر وغیرهما ــ : (انظروا إلى أهل بیت نبیّکم فالزموا سمتهم واتبعوا أثرهم ، فلن یخرجوکم من هدى ولن یعیدوکم فی ردى ، فإن لَبدُوا فالبدُوا ([1])، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلوا ، ولا تتأخروا عنهم فتهلکوا ).
7 ـ وإیاکم والتعرّض لغیر المسلمین أیّاً کان دینه ومذهبه فإنّهم فی کنف المسلمین وأمانهم، فمن تعرّض لحرماتهم کان خائناً غادراً، وإنّ الخیانة والغدر لهی أقبح الأفعال فی قضاء الفطرة ودین الله سبحانه، وقد قال عزّ وجلّ فی کتابه عن غیر المسلمین ( لا ینهاکم الله عن الذین لم یقاتلوکم فی الدین ولم یخرجوکم من دیارکم أن تبرّوهم وتقسطوا الیهم إنّ الله یحب المقسطین ). بل لا ینبغی ان یسمح المسلمُ بانتهاک حرُمات غیر المسلمین ممّن هم فی رعایة المسلمین، بل علیه أن تکون له من الغیرة علیهم مثل ما یکون له على أهله، وقد جاء فی سیرة أمیر المؤمنین (علیه السلام ) أنه لما بعث معاویة (سفیان بن عوف من بنی غامد) لشن الغارات على أطراف العراق ـ تهویلاً على أهله ـ فأصاب أهل الأنبار من المسلمین وغیرهم، اغتمّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) من ذلک غمّاً شدیداً ، وقال فی خطبةٍ له: ( وهذا أخو غامد قد وردت خیله الانبار وقد قتل حسان بن حسان البکری وأزال خیلکم عن مسالحها ، ولقد بلغنی أنّ الرجل منهم کان یدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فینتزع حجلها وقـُلَبها ([2]) وقلائدها ورعاثها ([3])، ما تمتنع منه إلاّ بالاسترجاع والاسترحام ، ثم انصرفوا وافرین، ما نال رجلاً منهم کلم ، ولا أریق لهم دم، فلو أنّ امرأً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما کان به ملوماً، بل کان به عندی جدیراً ).
صدر فی الثانی والعشرین من شهر ربیع الآخر عام 1436 هـ
([1])لبد : أقام ، أی إن أقاموا فأقیموا .
نصائح وتوجیهات للمقاتلین فی ساحات الجهاد --نسخة PDF --